ـ(392)ـ وفي ذلك من إنسانية الإسلام ما فيه، حين يعتبر الكبر والخيلاء والظلم والاعتداء، والتعالي والاستقواء، من أبشع الجرائم التي يرفضها منهجه، وهو يبني للناس مجتمعات إنسانية عادلة مستقيمة، وقائمة على أسس سليمة من العدل والمساواة، والتواضع والإخاء، وهدم ما كان شائعا قبل الإسلام من تفاخر بالآباء، ومن تعاظم واستعلاء. 6 ـ إصلاح المجتمع الإنساني، ونبذ الفساد والانحلال، من أهم مقاصد التشريع الإسلامي: الفساد في المجتمع ألوان كثيرة. ففساد في الحكم، وفساد في الإدارة، وفساد مالي، وفساد اجتماعي، وفساد تربوي، وفساد أخلاقي، وغير ذلك. وقد أعلن الإسلام منذ كان، الحرب على كل هذه الألوان، وذلك إقرارا منه بإنسانية الإنسان، وحبا في ان يحيا جميع الناس في مجتمع صالح سليم، خال من عبث العابثين واجتراء المفسدين. اما الفساد في الحكم فمظاهره كثيرة، منها ان يتقدم الأشرار على الأخيار، أو الادنون على الاعلين، أو يكون الملك وراثيا عضودا، لا رأي فيه لأبناء الشعب، ولا شورى بينهم. والله جل شأنه يقول في مدح المجتمع الصالح السليم: ?وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ?(الشورى 38). وفي هذه السورة ـ كما هو معروف ـ أمور مهمة كثيرة، ولكنها سميت بذلك لأهمية الشورى في الإسلام، وذلك حرصا على صلاح المجتمع. بل ان الله جل شأنه يأمر رسوله ـ صلى الله عليه وآله ـ بأن يشاور الناس في الأمر: ? وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ? (آل عمران 159) إقرار بحقوقهم من ناحية، وتربية لهم ولأجيالهم على الشورى من ناحية أخرى.