ـ(391)ـ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا?(المائدة 32). بل ان الإسلام يعطي الناس حق الثورة على الظالمين، لردعهم وإيقافهم عن ظلمهم، وانتزاع حقوق الناس منهم ولو بالقوة. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «ان الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك ان يعمهم الله بعقاب منه» (رواه الترمذي). ليس الأمر متروكا ـ إذن ـ لأمزجة الناس، فيرضى بالظلم ضعاف النفوس منهم، ويتهاون في حقوقهم الجبناء، ولكنه عقاب الله الذي ينتظر المتخاذلين. فالساكت عن الحق شيطان اخرس، وإذا نام أهل الحق عن حقهم فقد أذن للباطل ان يتربع. ومن هذا المنطلق أذن الله لرسوله ان يتصدى للظالمين بالقوة، ليردهم إلى جادة الصواب، فاشتبك معهم في حروب كانت ـ كما قال عنها العارفون ـ «فريضة لحماية الحق، ورد المظالم، وقمع العدوان، وكسر الجبابرة» (الغزالي ـ فقه السيرة ـ ص 208). ولذلك طبق النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ الأمر الرباني الكريم: ?وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ?(الأنفال60) طبق النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ هذا الأمر تطبيقا عمليا، فكان يسهر على إعداد أصحابه لذلك. قال عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه: «سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وهو على المنبر يقول: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ألا إن القوة الرمي، إلا ان القوة الرمي، إلا ان القوة الرمي » (رواه مسلم)، وكان ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول: «من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا» (أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد). كل ذلك لقمع المتجبرين، ومنع المعتدين، ورفع الظلم عن المستضعفين.