ـ(390)ـ فهل تراه يقبل ظلمهم أو الاعتداء عليهم ؟! اخرج الإمامان الترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم». فأمن الناس ـ كل الناس ـ في الإسلام، غاية تجعله يقر بالإيمان لمن يعمل على إرساء الأمن في المجتمع، حتى لا يفزع الناس من عدوان المعتدين وظلم الظالمين، فإنسانية الإسلام تقتضي توفير الأمن لجميع الناس. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «ان من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة؛ من تركه الناس اتقاء شره» (رواه البخاري ومسلم). ومن أجل ذلك حرم الله البغي والعدوان، وقرن ذلك بأخطر الموبقات، كالشرك بالله والافتراء عليه، والفواحش ما ظهر منها وما بطن قال تعالى: ?قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ?(الأعراف 33). وفي مجال آخر يتوعد الله البغاة بقوله: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ?(يونس 23). فهل وعى أولئك ما ينتظرهم من عذاب الله، انتقاما منهم لما فعلوه بعباده في الحياة الدنيا ؟ ! قال هشام بن حكيم بن حزام ـ رضي الله عنهما: «اشهد لسمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول: ان الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا» (رواه مسلم). على ان عذاب الله لن يكون بالدرجة التي يتصورها المتهاونون في حقوق الناس، وذلك لقوله سبحانه: ?نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ _ وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ?(الحجر 49 ـ 50). وأوقع الأمثلة وأوضحها على غضب الله لحقوق الناس، وشدة عذابه للمعتدين عليها، ما يضاعفه الله من العذاب الأليم لمن يقتل من الناس نفسا بريئة، قال تعالى: ? مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي