ـ(389)ـ اما فرعون نفسه؛ فقد انتقم الله منه انتقاما يتناسب مع طغيانه وظلمه، ويتواءم مع استعلائه واستقوائه وعدوانه على الناس، قال ـ جل شأنه ـ فيه: ?فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ?(الذاريات40). وقد شدد الإسلام كذلك، على ضرورة التواضع وعدم التعالي على الناس لأن أصلهم واحد. فكلهم من ذكر وانثى، وكلهم من ماء وطين. وتعالي البعض منهم على البعض شذوذ لا يقره الإسلام. وفي ذلك يقول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «ان الله أوحى الي ان تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد (رواه مسلم). وينعى صاحب البحث على المتغطرسين غطرستهم بقوله: يا ناس كلكم لآدم وهو من ماء وطين فإلى متى تتطاولون على العباد الآخرين؟! ان الشعور بالعظمة والكبرياء الذي يداخل بعض النفوس المريضة، ما هو إلا نقيصة تستجلب غضب الله تعالى، لأن في ذلك إيذاء لبقية عيال الله الذين قال فيهم رسوله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «الخلق كلهم عيال الله، واحبهم إلى الله انفعهم لعياله». وانطلاقا من ذلك فإن ابغضهم إلى الله هم الذين يتكبرون على عباده، ويستضعفونهم ويتعالون عليهم. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء» (متفق عليه). وقال الله سبحانه وتعالى: ?وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً?(الإسراء 37) وفي ذلك يقول صاحب البحث: يا أيها الإنسان لا تشمخ فأنك من تراب وأعمل لنفسك في حياتك فالحياة إلى ذهاب. فإذا كان المنهج الإسلامي قد رفض الكبر والخيلاء والتعالي على الناس،