ـ(37)ـ لا تعبديا لوقف على سعة آفاق القرآن. وهانحن نذكر مثالين على سعة آفاق دلالته: 1 ـ إن الأصوليين تحملوا عبئا ثقيلا لإثبات كون الأمر موضوعا للوجوب ومجازا في الندب، فإذا ورد الأمر في الكتاب احتاجوا في استفادة الوجوب منه إلى نفي المدلول المجازي، بإجراء أصالة الحقيقة. ولكن هذا النمط جار في المحاورات العرفية، والقرآن في غنى عنها في اغلب الموارد أو اجمعها، فإن لاستفادة الوجوب أو الندب في الأوامر الواردة في القرآن طريقا آخر، وهو الإيعاز بالعذاب أو النار كما نجد في كثير من الواجبات مثل الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال سبحانه:?مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ _ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ?(1). وقال سبحانه:?وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى _ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى?(2) بل كل ما أوعد على فعله أو تركه يستفاد منه الوجوب أو الحرمة. 2 ـ اختلفت الفقهاء في وجوب الكتابة في التداين بدين والاستشهاد بشاهدين الواردين في قوله سبحانه: ?وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ?(3). فمن قائل بالوجوب أخذا بأصالة الحقيقة، وقائل باستحبابه مستدلا بالإجماع، ومعتذرا عن الأصل المذكور بكثرة استعمال صيغة الأمر في الندب، مع ان الرجوع إلى نفس الآية وما ورد حولها من الحكمة يعطي بوضوح ان ________________________________ 1 ـ سورة المدثر 42 ـ 43. 2 ـ الليل 17 ـ 18. 3 ـ سورة البقرة: 282.