ـ(36)ـ وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ?(1). وعلى ضوء ذلك لا غنى للفقيه عن دراسة آيات الأحكام دراسة معمقة ثاقبة، ليجد فيها الجواب عن أكثر المسائل المطروحة، ولا ينظر إليها بنظرة عابرة. وقد استدل أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ بالقرآن على كثير من الأحكام التي غفل عنها فقهاء عصرهم، ونذكر هنا نموذجا على ذلك: قُدّم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة، فأراد ان يقيم عليه الحد، فأسلم، فقال يحيى بن اكثم: الإيمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود. فكتب المتوكل إلى الإمام الهادي ـ عليه السلام ـ يسأله، فلما قرأ الكتاب، كتب: «يضرب حتى يموت». فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب المتوكل إلى الإمام الهادي ـ عليه السلام ـ يسأله عن العلة فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم: ?فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِين َ_ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ?(2) فأمر به المتوكل، فضرب حتى مات(3). تجد أن الإمام الهادي ـ عليه السلام ـ استنبط حكم الموضوع من آية مباركة، لا يذكرها الفقهاء في عداد آيات الأحكام، غير أن الإمام لوقوفه على سعة دلالة القرآن، استنبط حكم الموضوع من تلك الآية، وكم لها من نظير. ولو أن القارئ الكريم جمع الروايات التي استشهد بها أئمة أهل البيت على مقاصدهم استشهادا تعليميا _____________________________________ 1 ـ سورة النحل 89. 2 ـ سورة غافر 84 ـ 85. 3ـ ابن شهر آشوب: مناقب أبي طالب 4: 403 ـ 405.