ـ(302)ـ الكمال هذه تضعنا على الطريق إلى الله، طريق الكمال، والتصفية، والتحول عن مواطن الغفلة والركود، إلى مواطن الذكر والحرية، والسير في ميادين النفوس سيرا وجهته الله وعدّته صالح الأخلاق والأعمال، وشاراته التوبة والرغبة إلى الله والورع والعفة والقناعة والصبر والشكر والخوف والرجاء والتوكل والحب(1). إن الإسلام جعل أعلى درجات التكريم والإكرام للإنسان هي التقوى ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ?(2)، ولذلك فكرامة الإنسان هي في تقربه إلى الله، باتباع تعاليم دينه ووصاياه، وباجتناب نواهيه وما حرمه على عباده، وهذا السلوك المستقيم السوي هو عين التقوى، إذ ليست التقوى شيئا مجردا، ولكنها إيمان وعمل وسلوك وممارسة وإقبال على فعل الطاعات والحسنات. وكلما اوغل الإنسان في هذه الطريق السالكة المؤدية إلى رضا الله على عباده، كان أوفر كرامة، تفيض عليه، وتغمره، وتملأ نفسه رضا وسكينة وطمأنينة وثقة في الله. وللشيخ محمود شلتوت تعريف لطيف وبصير للتقوى في تفسيره حيث يقول: «أما تقوى الله تعالى، فهي ترفع في معناها العام إلى اتقاء الإنسان كل ما يضره في نفسه وفي جنسه، وما يحول بينه وبين المقاصد الشريفة والكمال الممكن في الدنيا والآخرة. والتقوى ليست خاصة بنوع من الطاعات، ولا بشيء من المظاهر، وإنّما هي كما قلنا، اتقاء الإنسان كل ما يضره في نفسه وفي جنسه، وما يحول بينه وبين الكمال الممكن. ومن ثمرات التقوى حصول الفرقان ـ ما يفرق به المرء بين الخير والشر والضار والنافع في هذه الحياة ـ ، فالعلم الصحيح، والقوة، والعمل النافع، والخلق الكريم، وما إلى ذلك من آثار التقوى، والتقوى ______________________________________ 1 ـ محمد الغزالي، «الجانب العاطفي من الإسلام»، ص 175 ـ 297، دار الدعوة، الإسكندرية 1990. 2 ـ سورة الحجرات: 13.