ـ(301)ـ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى?(1)، ?فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ _ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ?(2)، ?وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى?(3)، فهي اذن، كرامة إنسانية مسؤولة تنبع من إحساس المرء بوجوده الحر، وبذاتيته المتفردة، تترتب عليها تبعات، ان نهض بها صاحبها على النحو الذي يرضي الله أولا ثم يرضي ضميره، كان منسجما مع كرامته، مستمتعا بها، موفيا لها حقها من المراعاة والاعتبار، ومن الحفظ والصون. لقد جعلت المبادئ الإسلامية الإنسان سيد نفسه في كنف عبوديته لله، فهو مخلوق مكرم، استخلفه الله في الأرض لتعميرها، وليعبد الله بأنواع الطاعات والعبادات التي لا تعد ولا تحصى، فالإنسان المؤمن يعبد الله في كل الأحوال، بعقله وضميره، وبقلبه وجوارحه. ومن عبوديته لله، ومن طاعته للذات الإلهية وعبادته لها، يستمد الإنسان إحساسه العميق بالكرامة، وشعوره بالاعتزاز والارتياح والرضا والطمأنينة لفعله الخيرات، ولإقباله على الطاعات. وهذا الشعور هو نعمة تغمر قلب الإنسان المؤمن، وتفيض بها روحه، وتجيش بها جوارحه كلها. إن الإسلام كرم الإنسان حين جعل شرف الإنسانية يتمثل أولاً وآخرا في صلتها بالله، واستمدادها منه، وتقيدها بشرائعه ووصاياه. والحرية الحقيقية ـ التي هي جوهر الكرامة الإنسانية ـ ليست في حق الإنسان ان يتدنس إذا شاء ويرتفع إذا شاء، بل الحرية ان يخضع لقيود الكمال، وان يتصرف داخل نطاقها وحده وقيود _________________________________ 1 ـ سورة النجم: 38. 2 ـ سورة الزلزلة: 7 ـ 8. 3 ـ سورة الإسراء: 15.