ـ(299)ـ من القواعد القانونية الوضعية (1). اننا نجد ان مفهوم الكرامة الإنسانية في القوانين الوضعية، يختلف عنه في المبادئ الإسلامية، لأسباب موضوعية كثيرة، أهمها على وجه الإطلاق، ان الوحي الإلهي هو الذي وضع الأساس الثابت للكرامة الإنسانية، وأكد أصالتها، في قولـه تعالى: ?وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ?، وهو تكريم إلهي يعلو فوق كل تكريم للبشرية جاءت به القوانين التي وضعها الإنسان لتنظيم شؤون حياته. إن الشعور بالكرامة الإنسانية عند الإنسان المسلم ينبع من إيمانه بالله رب السماوات والأرض، ومن خشيته إياه جلت قدرته، فهي بهذا الاعتبار، قوامها الأخلاق وليس القانون، لان الأخلاق مصدرها الإيمان الديني الذي يبعث في أعماق النفس البشرية الإحساس بفضل الله على الإنسان حين كرمه وفضله على الخلق أجمعين. وثمة نقطة بالغة الأهمية تتعلق بالفارق بين المعيار الأخلاقي للكرامة وبين المقياس القانوني، إذ من المعروف عند فقهاء القانون، ان دائرتي القانون والأخلاق غير متطابقتين، والتميز بينهما يرد من ان الجزاء أدبي يتعلق بازدراء الجماعة للفعل المشين، ويغلب على المقاييس القانونية انها ظاهرة تتعلق بالسلوك الخارجي في الأساس، بينما يغلب على المقاييس الأخلاقية انها باطنية تتعلق بالضمير وترجع للعقيدة الدينية، مع ان ثمة تداخلا في هذا الأمر، عندما __________________________________ 1 ـ انظر «الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام» للمستشار علي علي منصور، طبعة دار القلم، القاهرة بدون تاريخ، حيث يقول في ص: 47 «يسلم الفقيه القانوني سيديو الفرنسي بأن قانون نابليون إنّما أساسه المذهب المالكي، ويضيف ان المذهب المالكي هو الذي يستوقف نظرنا لما لنا من صلات بعرب أفريقية، وعهدت الحكومة الفرنسية إلى الدكتور بيرون ترجمة كتاب المختصر في الفقه للخليل إسحاق بن يعقوب المتوفى سنة 1442 م».