ـ(296)ـ الكرامة الإنسانية في القوانين الوضعية: لقد تطور الفكر البشري عبر العصور وانتهى إلى إقرار مبادئ وقواعد قانونية تنظم الحياة الاجتماعية والسياسية والمدنية في المجتمعات الحديثة. وعلى الرغم من هيمنة النظرة المادية على مجمل القوانين، فإن تأثير التوجيهات الدينية على بعضها، يبدو واضحا للغاية. ان إقرار حقوق الإنسان في العصور الحديثة والاعتراف بها من لدن المجتمع الدولي، لم يكن بالأمر الجديد بالنسبة للمسلمين الذين قام دينهم على مبادئ حقوق الإنسان، وعدها من ضرورات الحياة، وليست حقوقا مجردة. وبالاهتداء إلى حقوق الإنسان واعتمادها أساسا للقوانين الوضعية، تأصل المفهوم المادي للكرامة الإنسانية الذي يستند إلى تقرير المصلحة واعتبارها القاعدة والمرتكز لهذه الكرامة. ولكننا مع ذلك سنتلمس الكرامة الإنسانية في ثلاث وثائق دولية تعد في عصرنا الراهن، الأساس الراسخ في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وهي: 1 ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. 2 ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. 3 ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إن أول ما يلاحظه الباحث في المواثيق الثلاثة، انها تتفق في الديباجة على مفردات موحدة، وهي الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ففي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تطالعنا الديباجة بما يلي: «لما كان الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم». وفي العهد