ـ(293)ـ والعلم، والنطق، وتسخير جميع ما في الكون لهم (1). وإذا تدبرنا السياق الذي وردت فيه آية تكريم الله لبني آدم في سورة الإسراء ـ التي تسمى أيضاً سورة بني إسرائيل ـ يلفت نظرنا ان آيات كثيرة سبقتها تدور حول الفساد والاستعلاء، وحول ظلم بني إسرائيل لأنفسهم وتمردهم على تعاليم أنبياء الله، وحول الصراع القائم بين الحق والباطل، وبين الهداية والضلال، مما اقتضى حديثا عن آدم وبنيه. لقد كان آدم جديرا بأن يكون أفضل حالا ومآلا بعدما اصطفاه الله وأعلى شأنه، وأسجد لـه ملائكته، وكان بنوه جديرين بأن يكذبوا ظنون إبليس، بعدما أفاء الله عليهم من نعمائه ما يلهم الألسنة بالشكر ?وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً?، لكن آدم وهن عزمه، وأبناءه نسوا الجميل الذي يمرحون فيه، فلم يكن من مؤاخذتهم بد (2). هكذا نرى ان الدلالة القرآنية للكرامة تنبع من التشريف، ومن التفضيل، ويرد ذلك في سياق التذكير بفضل الله ونعمته على العالمين. لقد وردت في القرآن الكريم هذه الدلالة في سبع آيات تنبني على الفعلين (كرّم) و (أكرم)، بينما تكررت صفة (الكريم) في القرآن ثلاثاً وعشرين مرة، ووردت بصيغة النعت ثلاث مرات، ووردت بصيغة الجمع ثلاث مرات، وبصيغة التفضيل مرتين، وبصيغة المصدر (الإكرام) مرتين، وبصيغة اسم المفعول ثماني مرات (3). وفي هذه ____________________________ 1 ـ صفوة التفاسير، المجلد 2، ص 170، طبعة إدارة الشؤون الدينية بدولة قطر، 1981. 2 ـ محمد الغزالي، نحو تفسير موضوعي لسورة القرآن الكريم، الجز الثاني، ص 75، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 1993. 3 ـ محمد فؤاد عبدالباقي، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، ص 766.