ـ(284)ـ (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)(1). وبهذا يتأكد أن الإسلام كان أول دين إلهي نادى بحقوق الإنسان وله الريادة في تقريرها وإيجابها، وأنه تميز بالربط بين الحقوق والواجبات، وأول من ساوى بين الرجل والمرأة في تاريخ البشرية، وجعل مصدر هذه الحقوق والواجبات إلهياً بتشريعها وإيجابها عن طريق الوحي في القرآن الكريم، كما أكده الرسول وأصلها وطبقها، ودعا إلى تطبيقها واحترامها في السنة النبوية الشريفة، وسيرته الطاهرة، حتى كانت خطبة حجة الوداع دعوة كريمة، ووصية خالدة للأمة الإسلامية، بالحفاظ على تلك الحقوق، وصيانتها والدفاع عنها. وقد آن للمسلمين في عصر صحوتهم الإسلامية التي انطلقت مع القرن الهجري الجديد، أن يعودوا إلى دينهم فيبنوا على أركانه ومبادئه وقيمه، دولهم وأنظمتهم، ومؤساتهم ومجتمعاتهم، ففي ذلك خيرهم وصلاحهم، وفلاحهم وقوتهم، لأن الإسلام هو هويتهم وقدرهم، ولا سبيل سواه لهم، مصداقاً لقول عمر بن الخطاب: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، مهما ابتغينا لاعزة بغيره أذلنا). وإن أجمل مانختمه به هنا، هذا التوجيه السامي لأمير المؤمنين الحسن الثاني، في رسالة القرن الهجري الجديد التي وجهها إلى شعبه وإلى سائر المسلمين، فقد قال فيها: «لنعقد العزم على تأدية رسالتنا بأداء حقوق الله وحقوق العباد، وعون عشاق الحرية على التحرير والخلاص في كافة أرجاء البلاد، ولا سيما إخواننا الاماجد من أبناء شعب فلسطين المجاهد، وقبلتنا الأولى وقدسنا الشريف الخالد، ولنقف على قدم الاستعداد، بكل ما يلزم من العدة والعتاد، واثقين بحقنا، متمسكين في نفس __________________________ 1 ـ سيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي.