ـ(282)ـ سمت بحياة الإنسان وبقدره، فحقق بها إرادة الله فيه كما أكد ذلك القرآن الكريم. ?وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ?(1). بل ذهب القرآن إلى أبعد من ذلك من مظاهر كرامة الإنسان وتكريمه أن أنبأه الله بأنه سيكشف المجهول، وسيخترق الآفاق والفضاء، وسيقطع المسافات والأبعاد الكبرى في أقصر الأوقات، وسيركب السماوات الطباق، أنبأ الإنسان والمسلمين بخاصة بذلك قبل مئات السنين، وقبل أن تصل الإنسانية إلى ما وصلت اليوم كشف علمية، واختراق الفضاءات العليا كما جاء في القرآن: ?فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ _ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ _ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ _ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ?(2). وهو ما فهمه العلماء المسلمون بعد نزول القرآن بزمن قليل، حتى ذهب الإمام الطبري:(على أن المراد من هذه الآيات أن الإنسان سيركب سماء بعد سماء) أو كما وصفها القرآن: «بالسبع الطباق»(3). وهو المعنى الذي ذهب إليه الإمام الرازي بقوله: (بإمكان حدوث ذلك وتحققه مهما كان خارقاً على يد الإنسان، استنتاجاً من قولـه تعالى: ?وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ?(4). أي إمكان وصول الإنسان إلى السماء لارتياد الفضاء، لأن الله فرض لهم قدرة _____________________________ 1 ـ سورة الجاثية ـ الآية: 13. 2 ـ سورة الانشقاق ـ الآية: 16 ـ 19. 3 ـ انظر تفسير الطبري ـ الجزء الثلاثون ـ سورة الانشقاق. 4 ـ سورة العنكبوت ـ الآية 28.