ـ(279)ـ فأغرقه الطوفان مع قوم نوح، بالرغم من دعاء والده وهو من أولي العزم من الرسل: ?إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ?(1). كما حفظ الإيمان كرامة عبدالله بن أم كتوم حين أنزل الله في شأنه قرآنا: ?عَبَسَ وَتَوَلَّى _ أَن جَاءهُ الْأَعْمَى _ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى _ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى?(2). تعليماً لرسوله الكريم عندما انصرف عنه، طامعاً في إسلام قوم من وجهاء قريش الذين أسقط الكفر كرامتهم. ومن هنا لا تكون كرامة لمن يغضب ربه، ويخالف عن أمره، ويسعى في الأرض الفساد، ولو كان جاهه عريضاً، ومكانته متميزة، مصداقاً للهدي القرآني: ?وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ?(3). وهو ما أكده الرسول الأكرم بقوله: «إن العبد لينشر لـه من الذكر ما بين السماء والأرض، لا يساوي عند الله جناح بعوضة»(4). أي لا كرامة لـه عند الله، لأنه يخفي حقيقته وعمله عن الناس ويكون جاهه وشهرته حجة عليه، ومسؤولية يتحملها يوم القيامة، مما يؤكد أن الشهرة والجاه والمكانة لا علاقة لها بكرامة الإنسان، إذا لم يكن عمله صالحاً يرضي الله عز وجل. ومن هنا كان مفهوم الكرامة في الإسلام يرتبط بالعفو عن الظلم، والإحسان إلى ___________________________ 1 ـ سورة هود ـ الآية: 46. 2 ـ سورة عبس ـ الآية: 1 ـ 3. 3 ـ سورة الحج ـ الآية: 18. 4 ـ رواه العراقي في المغني، والقاري في الأسرار المرفوعة ـ انظر معجم أطراف الحديث 3 / 109.