ـ(278)ـ 1 ـ المفهوم الإسلامي للكرامة انطلق الإسلام في مفهومه للكرامة الإنسانية من نظرته الصحيحة إلى الكون والإنسان، الذي جعله الله خليفة في الأرض: ?هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا?(1). تحقيقاً للغاية الكبرى من وجوده، وهي إفراد الله بالعبادة والألوهية، وتحقيقاً لاعتباره الحياة الدنيا بلاغاً للحياة الأخرى، وعلى انها فترة اختبار وإعداد. ?وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا?(2). ومن هنا كان مفهوم الإسلام للكرامة الإنسانية، أبعد من أن ترتبط بنسب، أو حسب، أو جاه، أو منصب، أو مال، بل حصره وحدده في أمر واحد هو التقوى، فالأكثر تقوى هو الأكرم على الله وعلى خلق الله: ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ? باعتبار وحدة أصل الإنسان كما أكد ذلك الإمام الشافعي: الناس من جهة التكوين أكفاء ___ أبوهم آدم والأم حواء فإن يكن لهم في أصلهم شرف ___ يفاخرون به فالطين والماء وبذلك يكون المقياس والميزان في كرامة الناس في الإسلام، هو العمل الصالح لخير الإنسان وخير مجتمعه، وما ينفع الفرد والجماعة، والاهتداء إلى الحق والتمسك به والتزامه. وعملاً بذلك وتطبيقاً لـه نص القرآن الكريم على أن الكفر أضاع كرامة ابن نوح، _____________________________ 1 ـ سورة فاطر ـ الآية: 39. 2 ـ سورة الإسراء ـ الآية: 19.