ـ(270)ـ تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم»(1). فاستجاب أبو ذر لأمر الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ ، ووضع خده على الأرض، وأقسم أن يطأه بلال برجله توبة وتكفيراً، عما صدر عنه من أخلاق الجاهلية. وإن أفضلية الإسلام وريادته في هذا المجال، تظهر في أنه لا يقرّ المبادئ الضالة التي عرفتها الإنسانية قبله، وهذه الجاهلية التي عادت إليها الإنسانية حتى في عصر التمدن الحالي. لقد شجب الإسلام تلك الامتيازات التي قامت في مجتمع الهنود والرومان واليونان، تمييز الناس بعضهم على بعض، بحسب العنصر أو الجنس، أو التكوين، ولذلك حرم التفاضل الذي ميز الشعوب عن بعضها، والأوصاف التي أطلقتها على نفسها «كالشعب المختار» و«شعب الله» ومن «شعوب ناقصة» وأخرى «كاملة الإنسانية» بحسب نشأتها وطبيعتها الأولى، وبالتالي ذلك التمييز الذي قام بين الناس تبعاً لتلك الأوصاف، فهذا كله حرمه الإسلام وألغاه، واعتبره جاهلية وانحطاطاً للإنسانية عن مكانتها الرفيعة التي وضعها الله فيها بقوله: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا?(2). والتي نادى بها الرسول وطبقها في قولـه: «ليس لعربي على عجمي فضل، ولا لعجمي على عربي فضل، ولا لأسود على أحمر فضل، ولا لأحمر على أسود فضل إلاّ بالتقوى». ___________________________ 1 ـ أخرجه البخاري في صحيحه 1 / 13، ط. دار الفكر. 2 ـ سورة النساء ـ الآية: الأولى. 3 ـ رواه الطبراني في الكبير ـ مجمع الزوائد للهيثمي 3 / 272.