ـ(269)ـ ونادى بالعمل به في الحقوق المدنية، والمسؤولية، والعقاب، وفي جميع الحقوق العامة. ومن أجل هذا يعتبر الإسلام بني البشر جميعاً، متساوين في طبيعتهم البشرية، ولا تفاضل بينهم، بحسب الخلق، أو العنصر، أو السلالة، أو اللون، وإنما هم يتفاضلون، بكفايتهم وأخلاقهم وأعمالهم، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ?(1). وقد عمل الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ بقوله وفعله طوال حياته، على تطبيق هذا المبدأ الإسلامي العظيم، باعتباره أصلا من أصول الإسلام، وأساساً من الأسس التي يقوم عليها مجتمع المسلمين. وقد أبى في خطبة الوداع إلاّ أن يؤكد ذلك، ويدعوا الأمة إلى التمسك بهذا الحق واعتباره، فقال: «أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب»(2). وقد غضب غضباً لم ير مثله على وجهه، عندما سمع أبا ذر الغفاري يحتد على بلال ويعيره بلونه قائلاً: «يا بن السوداء» فزجره الرسول ورده بقوله: «يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس، ولا _________________________________ 1 ـ سورة الحجرات ـ الآية: 13. 2 ـ رواه الإمام أحمد في المسند ورجاله رجال الصحيح ـ مجمع الزوائد للهيثمي 3 / 266 ـ كشف الأستار 2 / 435.