ـ(264)ـ بحقوق الإنسان، فيجعل رعايتها واجباً على المجتمع كله، على قادته وحكّامه وقضاته، كما هي واجب على صاحبها، يدافع عنها ولا يتهاون في الحصول عليها، ومن أجل ذلك اعتبرت الشريعة الإسلامية أداء الواجب قبل تقرير منح الحق والحرية اعتباراً على أن النهوض بالواجبات ضمان لصاحب الحقوق والحريات، لان ضمانها منشأه التشريع بما فرض من تكاليف وواجبات، ومن ثم كان الانطلاق في الحقوق والحريات العامة لا يستقيم مع التكليف، لأن التكليف لا ينفصل معناه عن مفهوم الحريات العامة في الإسلام، إذ إن ثمة تلازما بينهما، فالواجب يقابله حق، ولذلك قيل: لا واجب بلا حق لأن التكاليف حقوق للغير. خصائص حقوق الإنسان في الإسلام لذلك كان تقرير حقوق الإنسان وحرياته العامة منشأها التكاليف، وهذه مصدرها الأحكام التي هي مصادر الحريات، لا ذات الإنسان كما هي عند الآخرين(1). وقد نظم الإسلام الحريات العامة، على اعتبار أن الحرية منشأها التكليف والمسؤولية لا حرية الانطلاق والفوضى، والأنانية والهوى، والخضوع لهيمنة الأعراف السائدة والتقاليد الموروثة، وكانت العقيدة الإسلامية أكبر ضمان للحريات العامة لتقييد سلطة الحكم، لكون ذلك مقيداً بالعدل، إذ نظمت الشريعة كيفية ممارستها على نحو معروف، امتثالاً لله وطاعة في التكليف، ووفاء بالأمانة التي حملها الإنسان، ولذلك قامت الحقوق على حقائق عقائدية، قبل أن تكون تصرفاً سياسياً أو مجرد نظام دستوري. _____________________________ 1 ـ حقوق الإنسان في التشريع الإسلامي ـ للدكتور فتحي الدريني ـ مجلة نهج الإسلام ص 32 ـ عدد ذو الحجة 1401 ـ أكتوبر 1981.