ـ(263)ـ الإسلام أكثر الأديان رعاية للإنسان يعتبر الإسلام أكثر الأديان كلها رعاية للإنسان، وأعظمها عناية به، وتقديرا لـه، باعتباره خليفة الله في الأرض، وأعظم مخلوقاته في هذا الكون، وهي الذي أعطاه قيمته الحقيقية، واعترف بإنسانيته، وجعله مناط تطور الكون وتقدمه، وتحقيق إرادة الله فيه، ولذلك حمله أمانة الحياة ومسؤوليتها، وأحاط بكل معاني التكريم، حتى اعتبر الرسول الأكرم. «حرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمة الكعبة المشرفة نفسها»(1). لذلك يعتبر الإسلام في حقيقته وهدفه وتوجيهه للناس، إعلاماً وإعلاناً إلاهياً لحقوق الناس وواجباتهم، وما ينبغي أن يكونوا عليه، منذ خمسة عشر قرناً، من قبل أن تعرف الإنسانية كلها هذه المواثيق البشرية، والمعاهدات الدولية التي تدعو إلى رعاية هذه الحقوق، والتي لم تلق حتى الآن حظها من التطبيق السليم، والرعاية الواجبة برغم التطور الذي عرفته البشرية، والحضارة التي بلغها الإنسان في عصرنا الحالي، ولا شك أن هذا الإعلان الإلهي يعلو ويسمو على كل المواثيق الوضعية، والعهود البشرية، لكونه يقوم على الإيمان بالله، وابتغاء مرضاته، ورغبة في ثوابه، وخوفاً من عقابه. كما يقوم على الضمير الديني الموجه لتصرفات الناس في السر والعلن، وفي كل أحوالهم، على مختلف مستوياتهم، وعلى أن ما يفوت ويمضي في الدنيا، لن يفوت في الآخرة، وعند من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. وأمر آخر يمتاز به الإعلام الإلهي عن سائر المواثيق الوضعية، هو انه يرتفع _______________________________ 1 ـ رواه ابن ماجة في سننه ـ كتاب الفتن ـ باب حرمة ذم المؤمن وما لـه 2 / 1297.