ـ(216)ـ بضربها أروع الأمثال في الوحدة الإسلامية والترابط الديني، فقد انتزعت انتزاعا من حظيرة الوفاق الإسلامي ليدفع بها إلى متاهات من الخلاف والشقاق كان لها بد وأي بد من الدخول فيها والهيام في أرجائها. وليت الأمر وقف عند حدود الجدل والمناظرات، ولم يصل إلى التكفير وإصدار الأحكام التعسفية الجائرة على كثير من المسلمين، بإخراجهم من الملة وتعريتهم من لباس الإسلام)(1). والآن نرجع للإجابة على الأسئلة التي طرحناها قبل قليل عن الجامعة الإسلامية ونقول: مما رأينا من خلال استعراض الواقعية الإسلامية، ان الإسلام يحمل كل مضامين الوحدة الإسلامية، وآيات الكتاب تفيض بالدعوة إلى الاعتصام بحبل الله المتين، ولم تكن هذه الدعوة خارجة عن المستطاع، وقد عمل المصلحون على تنفيذها وإخراجها إلى ارض الواقع الإسلامي، ولكن ما يحول عن الوحدة هو انغلاق النفوس وضيق عطنها وعدم الوعي بمجريات الأمور، فهؤلاء المتبلدة أذهانهم لا يعلمون إلا ظاهرا من الأمر، ولا يعلمون انهم في حقيقة الأمر يخدمون مصالح أعداء الله تعالى، وان أردنا التحاما اخويا سليما فلابد من ان يترك هؤلاء الإثارات المذهبية المنغلقة، وان رفضوا ترك العصبيات المقيتة فعلى الأمة ان تتركهم وشأنهم، وان لم يتركوا الأمة في سعيها للوحدة والألفة فعلى الغيورين والمصلحين ان يحذروا ويحذروا من هذه الشجرة الخبيثة التي زرعها الشيطان في الأمة لتقضّ مضجعها، هذا ما نستطيع قولـه، ولله الأمر من قبل ومن بعد. ________________________ 1 ـ الحق الدامغ، ص 19.