ـ(215)ـ الإسلامية والجامعة الملية، وظلت قلوب الشبيبة تهفوا إلى هذا المقصد العظيم والهدف النبيل، وتسعي سعيها الحثيث لتقفوا اثر سلفها الصالح، الذي فتح العالم بوحدته وتوحيده وأخلاقه قبل ان يفتحه بسيفه وسنانه ورماحه، حتى كادت تنال المقصود، وتحط في محطة الاخوة الاسلامية الجامعة، ثارت طفيليات خبيثة محسوبة على الأمة لتستأصل جرثومة الاخوة الإسلامية، وتثير داء التكفير من جديد بصورة أشد وأنكى على الأمة فأنا لله وإنا إليه راجعون. ولندع العلامة الخليلي؛ بأسلوبه الأدبي الرفيع المتأثر لحال المسلمين وواقعهم المر؛ يحدثنا بقوله: (وقد كان من بشائر الخير التي لاحت للامة مع تباشير إشراقة الصحوة الإسلامية المعاصرة ما كان ـ بادئ ذي بدء ـ من التعاطف والتواد والتراحم بين الشباب المسلم الذي أشرقت عليه أنوار هذه الصحوة، فقد كانوا في بادئ أمرهم لا يلتفتون إلى الخلافات المذهبية، ولا يشتغلون بالنعرات الطائفية، إلا قليلا منهم، وهم الذين لم تصقل آثار تلك الصحوة ما تراكم في قلوبهم من الصدأ، وهؤلاء كانوا مغفورين بالكثرة الكاثرة التي ينصب همها في محيط الإسلام الواسع الذي يجمع ولا يفرق، ويوحد ولا يشتت، وكادت القضايا الخلافية تلقى في زوايا الإهمال لتصبح في خبر كان، حتى إذا نضرت هذه الألفة وكادت تؤتي ثمارها الطيبة وهاجت عليها أعاصير العصبية العمياء ـ بعدما حركتها أحقاد غصّت بها نفوس ساءتها وحدة الأمة ـ فلفحتها بسمومها التي أذبلت نضارتها، وقضت على رونقها، فإذا بالتواد تباغض، وبالتعاطف تباعد، وبالترابط تقاطع، وبالرحمة عذاب. وكان أول ضحية لهذا التآمر البغيض هو الإسلام الحنيف ثم الشبيبة المسلمة التي كادت تقلب مجرى التاريخ، وتعيد إلى حاضر الأمة المشرقة ماضيها العريق