ـ(202)ـ بهذا التصور الواضح في المرونة والتسامح نصلح من واقعنا، ونغير حالنا، ان المثالية التي في عقول البعض بأن يجتمع الناس على رأي واحد ـ وهو رأيه ـ لا يمكن ان يتحقق في عالم الواقع بأي حال، فهو رأي محشور في مضيق عقله، وإذا أردنا ان نرتفع من الواقعية المحضة التي نعيشها إلى واقعية المثال، فلابد ان تكون هناك عناصر مشتركة من لين الجانب ونبذ الحرفية القاطعة. ان الوحدة الإسلامية قريبة المنال نراها رأي العين، ولكن يحول عنها سياج التعصب وحائط الانتصار لما عندنا، وغمط الناس أشياءهم، حتى وصل الحال بأن نرفض ما هو موجود عند الآخرين ولو كان يسنده الدليل الشرعي القوي بحجة مخالفة أهل الأهواء والبدع، إنها حجة المفلس. يقول الأستاذ إبراهيم العسعس عائبا على التيار الذي يرفض الخروج على الحاكم المتسلط الفاسق الظالم بحجة انه لو خرج سيوافق «الخوارج»:(اما ان كانوا خوارج لأنهم يرون الخروج على الحاكم المتسلط الفاسق الظالم، فأكرم بها من تهمة، وما الضير في تبني قول الخوارج إذا كان قولهم موافقا للدليل)(1). إن الألباب لتبقى مشدوهة والعقول حيرى من أمر هذه الأمة التي تلتصق بالأرض، وهي تملك ما تحلق به في عنان السماء، إن هذه الأمة وجدت لتكون سراجا وهاجا يضيء حلكة الكون ويبدد غسقه لتسير الشعوب على هداه، فهل من اوبة صادقة إلى التسامح واللين والمرونة؟. نسأل الله تعالى ذلك. ___________________________ 1 ـ الأمة والسلطة باتجاه الوعي والتغيير، إبراهيم العسعس، ص 28 ـ 29، ط دار البيارق، بيروت ـ لبنان الطبعة الأولى، 1417 ـ 1996م.