ـ(199)ـ ولو نظرنا إلى حقيقة الأمر لرأينا ما يتشبث به دعاة الفرقة والاختلاف قشورا وألفاظا ليس لها في حقائق المعاني وزن، وكم جرت الألفاظ على أمتنا من التمزق والتصدع ؟ وعندما نريد ان نحاسب الآخرين نحاسبهم على اصطلاحنا لهذه الألفاظ ! مع ان القاعدة(لكل قوم اصطلاحهم ولامشاحة في الاصطلاح) فهل يعذر بعضنا بعضا في هذه الاصطلاحات، ولا نتشدد فيها ؟ فغن مرونة الدين وواقع المسلمين يطلب منا ذلك، وقد حذر قديما العلامة أبو يعقوب الوارجلاني من التشتت الناشيء عن الاختلاف اللفظي، حيث يقول:(في الخطأ الموهوم فيما اختلف فيه الأمة من الأسماء والتسميات في الدين والإسلام والإيمان، والكفر والشرك والنفاق، والإسلامي كمؤمن وكافر ومسلم ومنافق ومشرك، وأسماء الأبدان وأسماء الأفعال وخلق القرآن، وأسماء الله وصفاته، وأمثالها، وليس إلا الخطأ فيها، والخطأ محمول لمن عري من الشروط المهلكة، وهي الاعتقاد انها دين الله، أو قطع الشهادة على أحد في ذلك، أو هدم قاعدة من قواعد الإسلام)(1). وأود هنا ان أعلن من طرف المدرسة الاباضية إننا كنا ومازلنا على أتم الاستعداد إلى الالتقاء مع إخواننا المسلمين بروح التسامح والمرونة والمودة، وندعو إلى طرح التشنج والتنابز جانبا، وللاباضية على مر التاريخ مشروعهم الحضاري الذي يلخصه العلامة احمد الخليلي ـ وهو قطب أقطاب الاباضية في هذا الوقت ـ في كتابه الحق الدامغ بقوله: (ان الاباضية ـ أهل الحق والاستقامة ـ تمتاز عقيدتهم وتتسم طريقتهم في فهم أصول الدين بثلاثة أمور... نذكر منها هنا ما يخصنا... المرونة والتسامح _____________________________ 1 ـ الدليل والبرهان، ج 2 ص 6 – 7.