ـ(198)ـ السماحة الإسلامية ما استعرضناه من الجوانب العقائدية والعبادية والأخلاقية، رأيناه كله يدعو إلى الوحدة الإسلامية ويقارب بين المشاعر الأخوية، ولكن ما بالنا في واقع من التناحر مرير، وظلمة من القطيعة يكاد لا ترى فيها سناء الإخاء. في رأيي راجع هذا الحال المتدني إلى المثالية الغالبية التي يعيش فيها أرباب المذاهب، فهم يعتقدون بصحة ما لديهم ويرونه وحده الإسلام، وما عداه كفر وانحراف وزيغ وضلال وبدعة يخرج صاحبها من الدين، هذه المثالية التي يعيش فيها هؤلاء منفصلة تمام الانفصال عن واقع المسلمين ومنبترة عن سماحة الدين ورشده وهديه. ونحن لا ننكر عليهم تعلقهم بمذاهبهم وآرائهم فذلك لهم ـ وان كنا نقول بوجوب التزام الدليل الشرعي ـ لكننا نطالبهم ان تكون لهم خصوصيتهم داخل إطار الإسلام العام، علينا كلنا ان ندور حول محور الإسلام ونرتع في حظيرة الإيمان. يجب علينا ان نخطو خطوة جريئة وإيجابية ونقول بصراحة: ان اتباع المذاهب ليس مما يكفر به المسلم ويخرجه عن ربقة الإسلام، فالمذهب مدرسة داخل الجامعة الإسلامية الكبرى، وللناس عقول في اختيار من أي المدارس، يقول العلامة أبو يعقوب الوارجلاني:(واما المذاهب: وهي طريقة الأمة الشريعة من الفقهيات ومذاهبهم في التفسير وما يؤول إلى ذلك، لا تفسيق ولا تضليل، وهو سائغ الأخذ به، والعمل للخاصة والعامة التخيير بين المذاهب)(1). ______________________________ 1 ـ الدليل والبرهان ج 2، ص 6.