ـ(197)ـ ومن دلائل فطرتها أيضاً ان الإسلام التزم بالتعامل بهذه الأخلاق مع جميع الناس، بغض النظر عن أديانهم وأجناسهم، فالمسلم لا يظلم وان كان خصمه كافرا، ولا يكذب ولو على فاجر، ولا يثير الفتنة ولو في مجتمع غير إسلامي. فدائرة الأخلاق دائرة إنسانية، جاء الإسلام ليحميها من الانحرافات التي قد تطرأ عليها من المرضى نفسياً واجتماعياً وأخلاقيا. يقول الشيخ الداعية محمد الغزالي:(قد تكون لكل دين شعائر خاصة به، تعتبر سمات مميزة لـه، ولا شك ان في الإسلام طاعات معينة، الزم بها اتباعه وتعتبر فيما بينهم أمورا مقررة لاصلة غيرهم بها. غير ان التعاليم الخلقية ليست من هذا القبيل، فالمسلم مكلف ان يلقى أهل الأرض قاطبة بفضائل لا ترقى إليها شبهة، فالصدق واجب على المسلم مع المسلم وغيره والسماحة والوفاء والمروءة والتعاون والكرم... الخ)(1). انها الرسالة العالمية التي تسعى إلى الانتشار والعموم بين البشر، لم يأت الإسلام ليبق في صومعة أو مسجد، أو ينحصر داخل التكايا والزوايا، بل ليعم خيره البشرية، ولا نستطيع ان نبشر بهذه الفضائل وهي غير متحققة بين المسلمين بعضهم البعض، فهل يتقبل من أمة تضع نصالها في رقابها، وتحز غلاصمها بمداها ؟ ! وهل يتقبل ممن يتراشقون بقوارع الكلام وبهتان السباب ؟ ! قطعا لا، وإذا اختفت الشحناء والضغائن وصفت النفوس لا يكون بين اتحاد الأمة والتئام تصدعها إلا قاب قوسين أو أدنى. ___________________________ 1 ـ خلق المسلم، محمد الغزالي، ص 31، ط دار القلم، دمشق، سوريا، الطبعة السادسة، 1407 هـ _ 1987 م.