ـ(179)ـ الركب البشري حيث اتجه وسار، بل خلق ليواجه العالم والمجتمع والمدينة، ويفرض على البشرية اتجاهه، ويملي عليها إرادته، لأنه صاحب الرسالة وصاحب العلم واليقين، ولأنه المسؤول عن هذا العالم وسيره واتجاهاته، فليس مقامه مقام التقليد والاتباع، ان مقامه مقام الإمامة والقيادة، ومقام الإرشاد والتوجيه، ومقام الآمر والناهي، إذا تنكر لـه الزمان وعصاه المجتمع وانحرف عن الجادة، لم يكن لـه ان يستسلم ويخضع، ويضع أوزاره ويسالم الدهر، بل عليه ان يثور عليه وينازله، ويظل في صراع معه وعراك، حتى يقضي الله في أمره. ويرى محمد إقبال(ان الخضوع والاستكانة للأحوال القاسرة والأوضاع القاهرة، والاعتذار بالقضاء والقدر، من شأن الضعفاء والأقزام، فالمسلم الضعيف يعتذر دائما بالقضاء والقدر، أما المؤمن القوي فهو بنفسه قضاء الله الغالب وقدره الذي لا يرد، وإذا احسن المؤمن تربية شخصيته وعرف قيمة نفسه، لم يقع في العالم إلا ما يرضاه ويحبه)(1). واقعنا الواقعية من خلال ما مر ومما نعايشه، نستطيع بسهولة ان نرى واقعنا غارقا في الواقعية، ولكن في الواقعية الخطأ، وليست الواقعية المطلوبة. بين عموم الناس؛ الواقعية المستمدة من حركة الواقع الخارج عن منهج الله تعالى، ويشفع لهم الفكر الارجائي المستشري بين المسلمين(2). __________________________ 1 ـ روائع إقبال، أبو الحسن علي الحسيني الندوي، ص 92 ـ 93 ط المجمع الإسلامي العلمي لكنهو الهند، الطبعة الخامسة، 1411 هـ 1991 م. 2 ـ واقعنا المعاصر، محمد قطب، ص 9، ط مؤسسة المدينة للصحافة، الطبعة الثانية، 1408 هـ ـ 1987م.