ـ(151)ـ جوع، بل هي سراب بقيعة يحسبه الضمان ماء حتى إذا جاءه لم يجد عنده شيئاً. وأصبح الفكر الإسلامي يتململ طيلة قرون عديدة ـ ما عدا مواقف محدودة زمانا ومكانا جديرة بالفخر والاستفادة منها ـ يبحث عن حل لازمته هذه، حتى جاء عصر الصحوة الإسلامية وبدأت مراجعة ما كتب على جميع المستويات، وخرج لنا علماء أفذاذ ومفكرون أقطاب بكتابات مستنيرة وآراء سديدة وتشخيص للقضايا دقيق وحلول ناجعة لأمراض الأمة، وما جاء به هؤلاء وان كان جديداً في ثوبه مبتكرا في عرضه، إلا انه قديم في تأصيله، فهو منطق القرآن الكريم منذ نزل به الأمين جبريل عليه السلام على قلب الأمين محمد عليه الصلاة والسلام، وهو التطبيق العملي الذي سار عليه الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ وصحابته الكرام. فخصائص الإسلام موجودة فيه منذ هبوط الوحي على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بل هي اقدم من ذلك، فهي موجودة كخصائص في شرائع الأنبياء السابقين وان كانت غير مكتملة لعدم اكتمال شرائعهم. وما قام به هؤلاء العلماء والمفكرون هو صياغته في قوالب علمية وقوانين واقعية واكتشاف جديد لهذه الخصائص. أثر هذا الكشف في واقع الصحوة الإسلامية وأعطاها دفعة نشاطة نحو الأمام، وكادت ان تؤدي الصحوة أطيب ثمراتها وتكسي المسلمين ازهى حللها وهي الوحدة أو الجامعة الإسلامية، لولا إنها وئدت قبل ذلك من قبل مثيري الفتنة ومن يحب ركود المسلمين ويقدم هدايا مجانية لأعداء دين الله تعالى على حساب دينه وإخوانه وبني جلدته، فأنا لله وأنا إليه راجعون. فإليكم أتوجه أيها العلماء والمفكرون، وأحملكم تبعة الأمة وصلاح أمرها، وعليكم انتم تقع المسؤولية في بناء الأمة واستثمار قوتها الشبابية في الإصلاح