ـ(139)ـ ?إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ?(70). وهكذا يرتبط سبيل الله بخدمة المجتمع خدمة يأذن بها الله ويراها لصالحه. رابعاً: وعلى ضوء الخطوة الثالثة، يبدأ الإسلام بتربية أخلاقية طويلة المدى، من خلال نظم عديدة (كنظام العبادات، والنظام التربوي والأخلاقي، ونظام الأسرة، وغيرها) كلها تؤكد تنمية الحس الاجتماعي فيه، وتعمل على تربية الوجدان والضمير الأخلاقي في الإنسان، وتركز على ان يرتبط بعلاقات مودة كبرى مع مجتمعه المؤمن خاصة، ومع مجتمعه الإنساني عامة. خامساً: وبعد هذا يعمل على ان يذكر الإنسان بالثغرات التي تنفذ عبرها غريزة حب الذات فتنمي نفسها وتطغى، وكمثل ذلك: نلاحظ موقف الإسلام من كل من عنصري الغفلة والتكبر، وهما منفذان كبيران للذاتية. سادساً: ومع كل هذا يأتي دور أصيل يشكل نقطة الحل الرئيسة، وهو الدور الذي يجعل المسألة الفردية والمسألة الاجتماعية أمراً واحداً، وذلك بتركيز الاعتقاد بالآخرة، وإعطاء صورة واضحة عنها. وحينذاك، فالذات الإنسانية واحدة في كلا الحالين، وعندما يكون التنازل البسيط المؤقت في هذه الحياة القصيرة عن اللذات لصالح المجتمع الذي يحبه، ولصالح رقي الإنسانية وهو عضو منها، موجباً لإشباع النفس والذات عينها بأسمى أنواع الإشباع بدخولها جنة الخلد والرضا، وخلاصها من عذاب الخلد في النيران. وقد كانت الآيات الشريفة دقيقة غاية الدقة عندما ضربت على وتر إشباع الذات إشباعاً خالداً في قولـه تعالى: ?يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ?(71).