ـ(137)ـ الهادف بين أجزاء الأطروحة وهذا الانسجام بينها وبين الهدف هو الذي أهّل الإسلام ليكون دين الفطرة والقيم على كل الحياة. بعد هذه الحقائق نجد انه ليس من الضروري ان نستعرض مفردات النظام الإسلامي كلها حتى نكتشف مظاهر هذه الروح الأخلاقية فيها، فيكفي ان نلقي نظرة على بعض العينات لنطمئن إليها. وكمثال على ذلك نقول: إننا نلاحظ تركيز الإسلام القوي على نظامين رئيسين قبل غيرهما معبرا بذلك عن اتجاهه الأخلاقي هذا، وهما: نظام العبادات، والنظام الأخلاقي والتربوي، معتبرا إياهما أساس الحياة الإسلامية وقوامها. فالصلاة ـ كما تصفها النصوص ـ عمود الدين، ان قبلت قبل ما سواها، وأن ردت رد ماسواها. ومكارم الأخلاق وتركيزها في المجتمع تبلغ من القيمة حدا يجعلها هدف البعثة النبوية الشريفة بل يصل الأمر إلى طرح هذه المعادلة (الدين = الأخلاق). وإذا طالعنا بعض أهداف نظام العبادات وجدناه نظام التربية الخلقية بعينه فهو يستهدف ـ من جملة ما يستهدف ـ إشباع الحاجة الفردية والحضارية الإنسانية إلى الارتباط بالوجود المطلق بأفضل وجه، والحاجة الحضارية إلى الإحساس الذاتي بالمسؤولية الآنية والتاريخية كضمان للتنفيذ، وبالتالي فهو يستهدف إشباع حاجة الإنسان الدائمة للتذكير بالحقيقة وإنقاذه من مرض الخمول في الطاقة الإيمانية، والتقاعس عن الفاعلية الحضارية نتيجة نمط من أنماط التخلف (العقلي، النظامي، الفردي و...). وحتى العبادات المالية نجدها تسير على هذا المنوال أروع سير، إذ انها تستهدف الكمال الإنساني كغاية لا محيد عنها، فدافع الزكاة لن يقبل منه عمله إلا