ـ(135)ـ المظهر الثالث للواقعية ـ الأخلاقية روح النظام الإسلامي وإطاره العام قبل كل شيء يجب ان نحدد ماذا نعني بالأخلاقية، ليتسنى لنا الحديث عن صلتها بروح الإسلام، وكيف تشكل الإطار الإسلامي لكل حكم وسلوك مفضل. إن الأخلاقية تعني ـ باختصار ـ ذلك الانسجام الكامل بين الفكرة والحكم، وبالتالي بين النظام وهدف الخلقة الإنسانية العام وما يقتضيه من قيم عملية ضرورية التحقق حتى يتم تأمين ذلك الهدف. وهكذا يكون النظام أخلاقيا إذا كان يستمد غاياته من ذلك الهدف وتلك القيم المتفرعة منه، ويركّز ـ من حيث الطريقة ـ على الغور إلى الأعماق النفسية وتجليه الدوافع الفطرية، وبناء الداخل الإنساني وفقا لتلك الغايات. ولن يكون أي نظام متمتعاً بهذه الصفة إذا كان يستمد غاياته من ظروف بعيدة عن الإنسان وهدف خلقته. هذا في مجال الغايات، والكلام نفسه يقال في السبل التي تسلكها النظم لتحقيق غاياتها. وهذه الحقيقة تسوقنا إلى الحديث عن الصلة بين الهدف والتركيبة الإنسانية بشكل أكثر تفصيلا، ذلك إننا نؤمن على ضوء التأمل الوجداني الواعي في الأنفس والآفاق، وعلى أساس من نظرة الإسلام الأصيلة للنفس الإنسانية والنصوص الكريمة الناظرة إلى هذا المجال، نؤمن (بنظرية الفطرة الإنسانية الأصيلة) التي تحدد هوية الإنسانية وتفصله عن غيره، وعلى أساس من هذا