ـ(134)ـ ويأتي حديث الإفك، ويضطرب الجميع، ويتأخر الوحي فينتظره الجميع حتى ينزل. وهكذا يشتاق النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى الكعبة ويقلب وجهه أشهرا عديدة ولا ينزل القرآن، ثم بعد ذلك تأتي الآية الكريمة: ? قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ..?(63) وهكذا تتابع المواقف التي يوصف فيها بالعبودية ويقف فيها موقف المتأدب أمام الله. وكل هذا يركز ـ كما يبدو ـ: أ ـ الاثنينية التامة بينه وبين الباري جل وعلا تحرزا من دعوات الانحراف والخلط مما قد يؤدي إلى انحرافات كبرى. ب ـ دفع الشبهات التي قد تثار ـ كما أثيرت من قبل البعض، فإن الوحي كان حالة من حالاته ـ صلى الله عليه وآله ـ ومن إبداعاته والعياذ بالله وعلى ضوء ما سبق، يمكننا ان نفهم بشكل أعمق مغزى الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة التي تحدثت عن الموضوع. يقول تعالى: ?وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً?(64). ويقول تعالى: ?وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا?(65). الخلاصة: عرفنا مما سبق، ان التدرج في مختلف المواقف كان تعبيرا أصيلا عن مرونة الإسلام التي هي بالتالي تعبير عن واقعية الإسلام.