ـ(664)ـ فالعلمانية أصبحت مطلبا تاريخيا نظرا للتغيرات المستجدة، فالعلم والتكنولوجيا يفرضان في كل مكان اضطرابات تمس الوضع الإنساني نفسه وتهدم البنيات النفسية والاجتماعية والسياسية التي كانت خاضعة للخطاب الديني (1). وأعلن البعض الآخر أن عصر العلم يتجاوز هذه المرحلة بالفعل ولم يعد لها أهمية إلا من حيث انها تمثل مرحلة تاريخية عابرة وحسب (2). وفي الوقت نفسه أكد آخرون ان زمن المعارف الدينية قد انقضى واننا لسنا في العهد الديني ولا في العهد الميتافيزيقي، وإنّما في العهد الوضعي أي عهد العلم والتجربة(3). إن الخلاصة التي ينتهي إليها الخطاب العلماني في التحليل الأخير هي ضرورة تجاوز الأسلوب الديني في التفكير على غرار ما فعلته الوضعية(4). وقد عبر العلمانيون عن هذا الاقتناع الفكري وتبنوه بالحاح، وكانوا على قدر من الشجاعة حينما أعلن بعضهم ان الدين فكرة بشرية مازالت في الطفولة أو على الأقل بصدد التكوين.فكان على العقل ان يتحرر من الدين بدخول العصر الحديث (5). ________________________________ 1 ـ محمد أركون، منشورات جريدة الاتحاد الاشتراكي رقم 4، ص 6. 2 ـ فؤاد زكريا م.س ـ ص 96. 3 ـ د. عبد العزيز عزت، آراء في طبيعة الظواهر الاجتماعية، القاهرة، ص 8. 4 ـ د. محمد امزيان، منهج البحث الاجتماعي، المعهد الإسلامي العالمي، ص 158 ـ 159. 5 ـ هشام جعيط، الشخصية العربية الإسلامية، والمصير العربي ـ ص 10 نقلا عن كتاب منهج البحث الاجتماعي ـ ص 159.