ـ(663)ـ إشكالات العلمانيين حول الإسلام لقد أثار العلمانيون جملة من الاشكالات في مواجهة الفكر الإسلامي. وبذل في هذا الاتجاه جهد كبير تآزرت عليه إمكانات دول ومؤسسات داخل وخارج العالم الإسلامي مع جهود ملحوظة لعديد من دعاة العلمانية وان هذه الاشكالات لا تعدو كونها إسقاط لسلوك رجال الكنيسة ومواقفهم إزاء الظواهر المختلفة التي عصفت بالمجتمع الأوروبي أولا، انها ناشئة عن الخلط بين الواقع التطبيقي للتجربة الإسلامية والإسلام كمبدأ وعقيدة ومنهج حياة، وعدم وضع فاصل بينهما ثانياً، ويضاف إلى هاتين النقطتين نقطة أخرى لها أهميتها في هذا المنحى ألا وهي عدم التعمق في الإطلاع على الفكر الإسلامي من منابعه الأصلية واتخاذ تجربة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مثالا يحتذى على مستوى التطبيق أو الدراسة، ولعلنا بإيراد جملة من النصوص التي تضمنها الخطاب العلماني تتضح لنا اشكالاتهم وما ذهبنا إليه في إرجاع اشكالاتهم إلى النقاط الثلاث سابقة الذكر. فيرى الدكتور فؤاد زكريا وهو ممن يتبنى هذا النوع من التفكير، ففي نظره كانت المسيحية مؤسسة رسمية تتدخل في شؤون الفرد والمجتمع والدولة...، ولم يكتب الاستقرار للمجتمع الأوروبي، ولم يبدأ العلم الأوروبي في تحقيق إنجازاته الجبارة إلا بعد ان تراجعت هذه النظرة التوسعية المهيمنة على أساليب الفكر والعقل وترك رجال الدين مهمة تفسير العالم وظواهره الطبيعية للعلماء. ويقول أيضاً: اعتقد ان من المفيد للفكر الديني المعاصر ان يحلل ما حدث في تجربة انتقال أوروبا من العصور الوسطى إلى العصر الحديث وهي التجربة التي يبدو ان بعض عناصرها آخذة في الظهور في مجتمعنا المعاصر(1). ________________________________ 1 ـ مقال بعنوان الفلسفة والدين في المجتمع العربي المعاصر ـ مجلة المستقبل العربي ـ العدد 76: 1985 ص 111.