ـ(657)ـ بين أبناء الأمة. فهذا الفيلسوف (جيبون) يقول: «القرآن مسلم به من حدود الاقيانوس إلى نهر الغانك بأنه الدستور الأساس ليس لأصول الدين فحسب، بل للأحكام الجنائية والمدنية والشرائع التي عليها مدار حياة نظام المجتمع الإنساني وترتيب شؤونه»(1). وهذا هاملتون جب نفسه الذي سبق أن أشرنا في نص سابق لـه يوضّح به طرق تأثيرهم في أبناء الأمة الإسلامية يقول: «ليس الإسلام ديناً بالمعنى الخالي ـ أي ليس كالمسيحية ـ بل هو مجتمع بالغ تمام الكمال يقوم على أساس ديني، ويشمل كل مظاهر الحياة الإنسانية لأن ظروفه في أول الأمر أدّت إلى ربط السياسة بالدين، وقد أكدت هذه النزعة الأصلية ما تلا ذلك من صوغ القانون الإسلامي والنظام الاجتماعي. والحق ان الإسلام ليس مجرد نظام من العقائد والعبادات: انه أعظم من ذلك بكثير، فهو مدنية كاملة»(2). ويقول الأستاذ (ريتشارد هارتمان): «قلما تجد بين الأديان الكثيرة دينا ينفذ إلى حياة معتنقيه كلها فردية كانت أم جماعية مثل الإسلام، ذلك انه جمع السلطة الدينية في شكل الدولة السياسي، ووقي خطر التفرقة بين أمور الدين وأمور الدولة»(3). وواضح انه يشير إلى المأزق الذي اكتنف الكنيسة في الغرب ونجم عنه فصل الدين عن الدولة «فما لله لله وما ________________________________ 1 ـ أساليب الغزو. الفكري، م. س: ص 96. 2 ـ أنور الجندي، الإسلام والدعوات الهدّامة، طبع بيروت ـ ص 290 ـ 291. 3 ـ أنور الجندي، سقوط العلمانية، طبع بيروت ـ ص 195.