ـ(650)ـ العلماء، حرق، وسجن، وضرب، وتشريد مما الب الرأي العام ضدهم كما فسح المجال لظهور فكرة فصل الدين عن الدولة ورواج فكرة العلمانية في أوروبا المسيحية. وقابل هذا الموقف المتعنت من قبل الكنيسة اهتمام واسع في عصر النهضة الأوروبية بالدراسات الإنسانية كاللغة والتاريخ والشعر، وكانت تلك الدراسات تهدف إلى توضيح علاقة الإنسان بالإنسان وايجاد التفاهم المؤدي لبناء مجتمع أفضل، وبذلك نقلت «ارتكاز الحضارة من الله إلى الإنسان». ومن رواد هذه الحركة في إيطاليا دانتي في القرن الرابع عشر. وقد وضع قصيدته الطويلة (الكوميديا الإلهية) ساخرا فيها من رجال الكنيسة حيث صور بعض الباباوات في النار وبعض الهراطقة حسب المفهوم الكاثوليكي في الجنة»(1). كما رافق ذلك ظهور عدد من المفكرين الذين رأوا ان الإنسان يكمل عمل الإله الخلاق عندما يستخدم عقله وإرادته، وان الحضارة البشرية لا تعيش إلا في مناخ من الحرية السياسية فدعا (ميكافيلي) الحكام الزمنيين إلى ممارسة حكمهم بمعزل عن الكنيسة ورجال الدين الذين كانوا يفرضون هيمنتهم على ميادين حياة الإنسان المختلفة، ونصبوا من أنفسهم الواسطة بين (الرب) وخلقه فتلك التصرفات هي «التي جعلت الإنسان الأوروبي يتخذ موقف العداء تجاه الدين ورجاله»(2). وانتقلت هذه الصورة الشوهاء إلى العالم الإسلامي نتيجة لعوامل كثيرة كما مهدت لظهور مفهوم العلمانية في بداية التاريخ الحديث للغرب وتبعا لـه في عالمنا ________________________________ 1 ـ أديب صعب، الدين والمجتمع ـ ص 94. 2 ـ العلمانية في الإسلام، م. س ـ 29.