ـ(649)ـ الكنيسة مسبقاً(1) لتمرير ما قامت به فيما بعد من تصفيات للعلماء و«ذلك ان كل مصادر الأناجيل حتى سير الرسل لم تتطرق إلى ناحية الدعوة إلى العلم والتفكير، إنّما حصرت في المسائل المتعلقة بالسيد المسيح عليه السلام ولم تهتم بالتشريعات الحياتية التي يمكن لقواعدها ان تصطدم بمفاهيم جديدة يتم اكتشافها، ولكن الجهل والاستمرار على المعارف القديمة أوقع الكنيسة في صراع مع العلم والعلماء ولعل السبب في ذلك يعود لخوف الكنيسة من مزاحمة العلماء لها، خاصة ان ظهورهم على الساحة قد يشكل موجة تثير الأنظار، وتستقطب الناس وخاصة العامة منهم فتحرك الفكر النائم، فرفضوا أباطيل رجال الدين المسوغة لهم باسم الدين»(2). ووفقاًَ لموقف الكنيسة من العلم والعلماء وضعت معظم الكتب العلمية والفكرية والتي ترى انها ضد توجهاتها في قائمة الممنوعات من التداول والبيع الخ..، وفي هذا الاتجاه ومثل ما أحرقت الكنيسة (غاليلو) لأنه قال بثبوت الأرض كمركز للكون(3). فقد أمرت بسجن (هارفي) لبرهنته «ان الدم يجري في الجسم» وضرب العالم (برنبلي) بالعصا لأنه قال «ان النجوم لاتقع»(4). إلى غير هذا مما حفل به تاريخ الكنيسة من المآسي التي عاني منها كثير من العلماء، فكان اضطهادهم العامل الأول للقيام بالثورات ضد رجال الدين (5). فبهذه الصورة الشوهاء التي حملها رجال الكنيسة وكذا كانت مواقفهم من ________________________________ 1 ـ انعام احمد قدوح، العلمانية في الإسلام، بيروت، ص 28. 2 ـ علي لاغا، مدخل إلى العلوم السياسية ـ ص 139. 3 ـ الإسلام والنصرانية، م. س ـ ص 39. 4 ـ مدخل إلى العلوم السياسية، م. س ـ ص 39. 5 ـ قصة الاضطهاد الديني بين المسيحية والإسلام ـ ص 41.