ـ(647)ـ الزمنية الممثلة بالأمراء، والملوك من جهة ثانية، فأسفر هذا الصراع عن ظهور العلمانية وكانت وليدة هذا الصراع الذي امتد حقب زمنية طويلة، وقد أخذت عدة مفاهيم وأهداف حسب طبيعة ذلك الصراع وظروفه، كما عبرت عن الانتصار على الكنيسة ورجال الدين المسيحيين، ومن الأمثلة المشهورة على طغيان رجال الدين ان هنري الرابع ملك ألمانيا، أراد ان يستقل بتعيين الأساقفة، فاختلف مع البابا غريغور بورس السابع عام 1075 حول هذه المسألة مما دفع البابا إلى إصدار الحرمان الديني عليه فقاطعه شعبه، واضطر إلى الحضور إلى البابا خاشعا راكعا وطالبا منه العفو وإلغاء الحرمان، وحين ترد إشارة إلى المسيحية أو المسيحيين إنّما يقصد بهما الواقع للتجربة المنحرفة وليس المقصود بهما المسيحية التي جاء بها عيسى عليه السلام ولا المسيحيين الذين التزموا نهجه وخطه وساروا وفقا لهما. «فالشرائع كلها مستمدة من مصدر واحد وتفسير شامل للكون بما فيه الإنسان وإنّما تختلف فيما بينها باعتبار السعة والضيق وتحديد زمن الشريعة»(1). ومن هنا كان اعتراض القرآن الكريم على أهل الكتاب حين دعاهم إلى كلمة سواء وان لا يعبدوا الأحبار والرهبان من دون الله الواحد. ?اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ?(2). فكانت ممارسات رجال الدين والعامة تبعا لهم بعيدة عن تعاليم المسيح عليه السلام. وقد كرّس رجال الكنيسة قاعدة ومبدأ هام في علاقاتهم فيما سواهم من فئات المجتمع، المبدأ هو «السلطة للقساوسة والطاعة للعامة» ومن جملة تلك الرموز التي يجب الإطاعة بها والانقياد لسلطة الكنيسة المسائل العلمية و«كل رأي ________________________________ 1 ـ احمد زكي تفاحة، الإسلام والحكم ـ ص 21. 2 ـ سورة التوبة 31.