ـ(644)ـ الظواهر الطائفية والعشائرية والمذهبية والعرقية وانحطاط الممارسة السياسية بشقيها الرسمي والشعبي إلى نوع من الإرهاب المتبادل وتحلل علاقات السلطة وإحلال الفوضى واليأس والقنوط مكان الكلام عن التقدم والتحرر والتنمية..(1) فتلك بإيجاز شديد ما حصدته الأمة منذ سقوط الدولة العثمانية والى يومنا هذا. وقد تضمّن هذا الموضوع جملة من المباحث تناولنا فيها العلمانية من حيث هي مفهوم، وأسباب ظهورها وانتشارها في أوروبا وبعد ذلك العوامل التي ساعدت على نفوذها إلى الوسط الإسلامي وطرائق انتشارها فيه، ومن ثم آثارها في الواقع التطبيقي في العالم الإسلامي، واشكالات العلمانيين وإثاراتهم حول الإسلام والفكر الإسلامي، نسأله تعالى ان تكون مساهمتنا هذه ذات أثر في رفد ثقافة الصحوة الإسلامية، وهو ولي التوفيق. العلمانية، المفهوم والدلالة: إن تحديد معنى ودلالة اللفظ والمصطلح في أي خطاب أو بحث أمر ضروري ومهم لإبعاد حالات اللبس والغموض الناشئة عن تباين الفهم ولا يتم ذلك إلا بالرجوع إلى جذور ذلك اللفظ والمصطلح والوقوف على مضمونه ودلالاته في بيئة استعماله الأولى. والعلمانية من المصطلحات الكثيرة الواردة والدخيلة على لغتنا وعالمنا، وهي مصطلح غربي لفظاً ودلالةً، غير ان استعماله شاع واتسع انتشاره في مختلف ________________________________ 1 ـ د. محمد كامل ظاهر، الصراع بين التيارين الديني والعلماني، طبع لبنان، ص 444 (وهي انتقادات وجهها خصوم العلمانية كما يقول الكاتب).