ـ(643)ـ اليهود يتعرضون إلى الاضطهاد والطرد في غرب أوروبا (1). ولاغرابة في معاملة الدولة الإسلامية لأهل الذمة واحترام العلماء وإشاعة العلم والعمران، فمحور الحضارة الإسلامية هو الإنسان وسعادته والذي منحه الله سبحانه مهمة الخلافة الإلهية في الأرض وإعمارها، قال تعالى: ?وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ?(2). فلقد سادت امتنا العالم يوم كانت تحت راية الإسلام، ثم كان لعوامل عديدة عملت فيها فخبت جذوة العقيدة فيها ثم تداعت عليها الأمم تقتسمها أوصالا وتغرس فيها مبادئها ومفاهيمها، وقد تصدى علماء الإسلام إلى الهجمات التي قام بها إنسان الغرب إلى عالمنا الإسلامي، فكانت معارك التحرير بقيادتهم، وكان استقلال بلدان العالم الإسلامي بتضحياتهم وعطائهم الفذ بما حملوا من روح الإسلام. وان العلمانية أحد مظاهر ذلك التداعي وأبرز أوجه الغزو الثقافي والفكري لعالمنا الإسلامي، فكان من نتائج العملية التغييرية التي قادتها النخبة العلمانية بأنها حطمت التكوينات والبنى السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التقليدية في مجتمعاتها وحطمت معها كل التوازنات الاجتماعية والروحية والمادية القائمة دون ان تستطيع صياغة معايير جديدة مكانها تكتسب ولاء الجماعة وشرعيتها وإجماعها، مما أوصلنا إلى ما نحن فيه من التناقضات الاجتماعية المتفجرة والضياع الروحي المخيف والأزمة الحضارية المفتوحة التي من مظاهرها تدهور المناخ الفكري وتراجع الحوار العقلي البنّاء بين التيارات الفكرية المختلفة، وبروز ________________________________ 1 ـ دراسات في تاريخ الحضارة الإسلامية م. س: ص 18 ـ 19 بتصرف. 2 ـ سورة البقرة: 30.