ـ(642)ـ الصين شرقا إلى حدود فرنسا غربا في أقل من قرن من الزمان، وإنّما تم ذلك بالإسلام أولا، وبالعلم ثانيا، بالإسلام خلقا وقيما وعقيدة وأمانة وصدقا ووفاءاً وتوحيداً، فكل هذه القيم جعلت من الأمة الإسلامية أمة غالبة قوية أشاعت حضارة الإسلام في كل أرجاء المعمورة فكانت أمور العلم والتعلم ميسرة إلى أبعد الحدود. كل هذا اشاع الحضارة الإسلامية والمبادئ الإسلامية والخلق الإسلامية في العالم الإسلامي المتسع حتى ان أحد المستشرقين قال يصف ذلك: «كل من أراد ان يطلب العلم من حدود الصين شرقا إلى ساحل العاج في غرب افريقيا يجد مكانا يتعلم فيه، ومعلما يعلمه وراتبا يتقاضاه (1) وقد ضرب علماء الإسلام مثلاً رائعا في الأمانة العلمية ونسبة الكتب والحقائق والأفكار إلى أصحابها، مما مكن الأوروبي من الوقوف على بعض كتب أرسطو التي ضاعت أصولها اليونانية والتي تم التعرف عليها من خلال التراجم العربية المنسوبة إلى صاحبها»(2). أما بالنسبة لأهل الذمة فكانت نظرة الإسلام والدولة الإسلامية وفقا لها نظرة كلها تسامح فأعطوا حقوقهم كاملة غير منقوصة ولهم ان يؤدوا شعائرهم وطقوسهم وفقا لدياناتهم دون ضغط أو إكراه، فنعموا في كنف الدولة الإسلامية، يسهمون في بناء الحضارة الإسلامية جنبا إلى جنب مع المسلمين في الوقت الذي كان القتل والقتال قائم على قدم وساق بين المذاهب المسيحية، وكان ________________________________ 1 ـ عبدالملك عبدالرحيم، قضايا وآراء، دار العلوم السعودية: ص 248 ـ 249 بتصرف. 2 ـ دراسات في تاريخ الحضارة الإسلامية م. س: ص 21.