ـ(635)ـ «مسكيم رودنسون» ـ يقول في حديثه عن «العقيدة القرآنية»: القرآن كتاب مقدس، تحتل فيه العقلانية مكاناً جدا كبير، فالله لا ينفك فيه يناقش ويقيم البراهين، بل ان أكثر ما يلفت النظر هو ان الوحي نفسه ـ هذه الظاهرة الأقل اتساما بالعقلانية في أي دين، الوحي الذي أنزله الله على مختلف الرسل عبر العصور، وعلى خاتمهم محمد ـ يعتبره القرآن هو نفسه أداة للبرهان، فهو في مناسبات عديدة، يكرر لنا ان الرسل قد جاءوا «بالبينات» وهو لا يألوا يتحدى معارضيه، ان يأتوا بمثله»(1). ومرة أخرى يورد العلمانيون على الطليعة الواعية الإسلامية ان مصدر قوتكم هو انكم نشأتم في بلد إسلامي يطلب جمهوره ان تطبق الشريعة وبهذا اتخذتم حجة لصالحكم. ولكن هذه الشبهة هي إحدى اتهاماتهم على الدعاة في تطبيق الشريعة الغراء فان الدعاة إلى تطبيق الشريعة لا يستدلون على صحة اتجاههم بكثرة من يناصرهم. وهنا يقول الدكتور يوسف القرضاوي: «وفي رأيي ان اتساع القاعدة الجماهيرية، التي تنادي بمبدأ معين، لا يمكن ان يكون مقياسا لنجاح هذا المبدأ إلا في حالة واحدة فقط ما هي التي يكون فيها وعي هذه الجماهير ناضجا كل النضج»(2). ________________________________ 1 ـ راجع «الإسلام والرأسمالية» ـ 34 ترجمة نزيه الحكيم. 2 ـ راجع: الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه ـ 89.