ـ(629)ـ لكن رغم كل ذلك لابد ان يعرف الشرق تلك الجراثيم التي سوف تدخل في الانفتاح على هذه الحضارة وما ستجره من الويلات على مجدها الكبير. فلابد من وجود معايير في نقل حضارة الغرب إلى الشرق والى مجد المسلمين بوجه أخص وان سوغ العقل النقل بين الحضارات. فلابد من وجود معايير لنقل فكر وحضارة الغرب إلى العالم الإسلامي ولولاها لم يصح ذلك وهي: 1 ـ لابد في حضارة النقل رؤية تشابه واختلاف الظروف الثقافية والحضارية، بشكل عام بين المنقول منه والمنقول إليه. 2 ـ مدى تشابه أو اختلاف ملامح الشخصية العامة للامة بين البعدين السالفين. 3 ـ مدى اتساق أو عدم اتساق هذا الفكر المنقول مع شخصية الأمة المنقول إليها ومع ظروفها العديدة السالفة الذكر. 4 ـ وقبل هؤلاء جميعاً مدى صحة هذا الفكر في حد ذاته (1). ولو حاولنا ان نطبق هذا المعيار على المفهوم الذي نتناوله بالبحث ـ وهو مفهوم العلمانية ـ فسوف نخرج من خلال تطبيق هذا المعيار بالتالي: ألف: لم تعرف البلاد الإسلامية الحكومة الثيوفراطية (أو الحكومة الدينية) تلك الحكومة التي تدعي الحديث باسم السماء والتي تدعي ان مفاتيح السماء حكر على الحكام ورجال الدين والتي توجب الطاعة المطلقة العمياء على المؤمنين بها. ________________________________ 1 ـ راجع: زكريا فايد: العلمانية النشأة والأثر في الشرق والغرب :76.