ـ(628)ـ 5 ـ اضطهاد الأقليات الطائفية المتمثل في حروب الكاثوليك والبروتستانت والمتمثل أيضاً في اضطهاد اليهود من قبل الدولة الأوروبية ككل، ومن يقظة الحركة اليهودية، وذلك لأن إبعاد الدين عن المجتمع الغربي يعني أبعاد المسيحية، وقيام الدولة على مفهوم القومية، هذا يعني السماح لكل الأديان بالعيش في وطن واحد، وهذا يعني مشروعية للوجود اليهودي، لهذا فقد زكى اليهود وساعدوا كل حركات البعد عن «دينية الدولة» أو «الطابع الديني للدولة». ولكل هذه الأسباب وقع الاصطدام بين الكنيسة من جهة ورجال العلم ورجال الحرية من جهة أخرى، وكان الاصطدام قوياً بنفس درجة قوة تسلط الكنيسة على المجتمع الغربي في القرون الوسطى(1). وبعد هذه اللمحة التاريخية عن نشأة العلمانية وواقعها في أوروبا ننتقل إلى إعطاء فكرة موجزة عن نشأتها في الوطن العربي وواقعها الراهن على صعيدي الأنظمة والمنظمات الشعبية ومن خلال ذلك كله نستطيع ان نتلمس نوعيتها ومفاهيمها المتعددة ثم نستعرض آراء مؤيديها ومعارضيها باختصار في إطار من الحوار العلمي الهادىء. انتقال العلمانية إلى الحضارة الإسلامية: كان من اللازم على الشرق بكل انفاسه الدينية ان ينفتح على الغرب وحضارته وما بناه من صرح كبير بهر عقول العالم ولابد على الشرق ان لا يكون بمعزل عن حركة الغرب المادية وما أسداه للعالم من تطور في حياتهم. ________________________________ 1 ـ أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي ـ 37، وراجع أيضاً العلمانية النشأة والأثر ـ 71.