ـ(12)ـ والسنن، أو من مغايرة الأعراف والعادات، أو اختلاف تقدير لمصالح العباد ومقاصد الشريعة. فإذا اتفقنا نحن معاشر المسلمين في الأصول فلا ضير في الاختلاف في الفروع بل فيه خير كثير للعباد والبلاد، وشطر منه لابد منه، فإذا كان الاجتهاد هو مثار الاختلاف مع المحافظة على الأصول، فالآراء الناشئة عنه كلها مقبولة وكلها إسلامية ما لم تخرج عن دائرة الأصول وعن نطاق الإسلام العام. فعلى الأئمة والأتباع أن ينظروا إلى مذاهبهم كمدارس إسلامية تبحث عن الإسلام، وكطرق مختلفة تنتهي إلى مقصد واحد. ولهذا سميت مذاهب وليست أديانا. كما أنه فرض على أئمة المذاهب: أولاً: أن يراقبوا آراءهم وأعمال أتباعهم لكيلا تخرج عن نطاق الإسلام إلى خلافه، ولا تصادم الكتاب والسنة. وثانياً: أن لا يجعلوا مذاهبهم وآراءهم الخاصة بهم أصلاً من أصول الإسلام فيخلطوا الأصول بالفروع، ويتعاملوا مع الفروع معاملة الأصول فيدور الإيمان والكفر عندهم مدار المذهب بدل أن يدوران مدار الأصول المتفق عليها، وعلى أثر ذلك تصبح المذاهب أديانا شتى فتسدّ وتغلق أبواب الوحدة وفي نفس الوقت أبواب الرحمة، وينقلب أتباع المذاهب بدل كونهم أمة واحدة متآخية إلى أمم متعددة أجنبية بعضهم عن بعض.