ـ(612)ـ القرنين الخامس والسادس عشر فوقف العقل الأوروبي بكمال قدراته وطاقاته التي اسيقن بها مقابل النقل الإلهي الذي لم يستطع ان يلبي حاجاته ومتطلباته. وعندما أذعن العقل الأوروبي بقوته مقابل الدين حق لـه ان يفصل الدين عن الدولة والمجتمع وينفرد هو بالميدان ليسُنَّ القوانين وفق معاييره وذخائره لتعظيم حياة الناس إلى ان قويت معطياته وشوكته فلذلك اقتحم القرن التاسع عشر مبعداً ذلك الدين عن الدولة بعد ما اثبت عجز الدين من إدارة المجتمع وبالتالي سوغ لجموع الأمة ان تقصي رجال الدين عن ميادين أعمالها وشؤون حياتها. وهنا فكر العقل الأوروبي في هذا الكادر الديني المعاصر لـه من القساوسة ماذا يفعل بهم فلم ير إلا حلا واحدا صحيحا في الانتفاع بهم والتخلص منهم في آن واحد وهي مشروع التبشير والاستشراق فغزت الأمة الإسلامية والعالم جميعاً حملات كبيرة من رجال الدين المسيحي. اذن بداية حركة العقل الأوروبي من القرون الوسطى عصر الجمود والانغلاق ثم في القرنين الخامس عشر والسادس عشر عصر الاتكاء على قدراته وخصائصه وفي القرنين السابع والثامن عشر معاصرته للقواطع الكبيرة من المجتمع وتوليه دنيا العصر التكنولوجي بعدما فصل الدين عن المجتمع وهكذا نرى الشجة تتسع عند بداية القرن التاسع عشر فقد اقتحم العقل الأوروبي ميدان العمل وأخذ يهاجم الدين بصراحة وهكذا يسير بسرعة هائلة إلى ان اصطدم بالحربين العالميتين وتم القضاء عليه نسبياً في النصف الثاني من القرن العشرين فاحتاج إلى معايير أخرى لتقف بجانبه في قيادة حركة البشر داخل مجتمعاتهم بعدما أقصى الدين عن حياة البشر. كان هذا باختصار مسيرة العلمانية من القرون الوسطى حتى القرن الحالي