ـ(556)ـ 4 ـ تصفية أحزاب الاستعمار السياسية.. فبدون ذلك لا يمكن قطع أصابع الاستعمار في المنطقة. تلك كانت ركائز الحركة الاستعمارية بشكل عام، بخصوص أرض الرافدين، فان الاستعمار قد استطاع ان يمد جذوره الفكرية والثقافية إلى العراق من مراكزه في عواصم العالم الإسلامي آنذاك ـ طهران واسطنبول والقاهرة مستظلاً بجناح حركة الدستور الإيرانية والتركية، التي استغلها لبث الفكر العلماني الإلحادي المادي، ولبذر الفكرة القومية في النفوس.. ان الصحف والمجلات التي أنشأها الاستعمار في تلك العواصم كانت تبث بشكل منظم، وفي غياب الصحف الإسلامية كل ما يريد الاستعمار بثه في المجتمع.. وكان التركيز على نقطتين في الجانب الفكري العام: ضرب الأسس الدينية، والتبشيرة بالفلسفة المادية للحياة، وفي الجانب السياسي إثارة (العصبية القومية) والعصبيات الجاهلية، بغية تحطيم الوحدة الإسلامية. وكانت الصحف تلك تصل إلى العراق، ثم بعد انتصار حركة الدستور في كل من تركيا وإيران، أنشئت في بغداد أيضاً صحف جديدة من نفس النمط وفي الاتجاه ذاته، وبدأت الثقافة الاستعمارية تغزو العقول وتمهد السبيل للاحتلال العسكري الذي تم فيما بعد. أما عن وسيلة الاستعمار الاقتصادية في العراق، فقد تمثلت في الامتيازات التي أعطتها تركيا العثمانية لحليفتها ألمانيا بإنشاء خط سكة الحديد بين البصرة وبغداد، وحتى عمق الأراضي التركية، وكان الهدف من إنشاء هذا الخط وصل سواحل الخليج بأوروبا، ومن ثم نقل النفوذ الألماني إلى سواحل الخليج، وأيضاً تسهيل وصول قواتها إلى هناك حيث يمكن تهديد الوجود البريطاني في الخليج