ـ(539)ـ البربرية كانت تنطلق من مواقعها لنهب المدن دون ان تعتبر فعلتها عملا قانونيا.. بينما الحركة الاستعمارية تنطلق من مواقعها المحصنة لاستعمار الشعوب المستضعفة الفقيرة معتبرة ذلك حقا مسلماً من حقوقها الأبدية، والشيء اللاقانوني الوحيد هو ان تدافع الدولة المستعمرة عن نفسها، أو تنافسها في ذلك دولة أخرى في الميدان.. وبقدر ما كانت نهضة الغرب الصناعية باهرة وعظيمة.. بقدر ذلك كانت حركة الغرب نحو استغلال الفقراء بشعاً.. ولكن الأبشع من ذلك كان هو «الفكر» الذي بارك العمل الاستعماري وحوله من عمل لصوصي وقرصنة إلى مهمة بطولية مشروعة. إن الفكر الاستعماري كان أخطر من العمل الاستعماري نفسه، لأن ضرره لم يقتصر على الشعوب المستضعفة، بل ارتد على المستعمرين أنفسهم... وبذلك تحقق قول الله تعالى: ? وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ?. واما تلك الأفكار التي استخدمت كخلفية للحركة الاستعمارية فهي كالتالي: أولاً: الأفكار العنصرية. ثانياً: الأفكار القومية. ثالثاً: الأفكار المقدسة للقوة. رابعاً: الأفكار الطبقية. ? الأفكار العنصرية: أمّا الأفكار العنصرية، فهي تلك الأفكار والعقائد التي تعطي لعنصر من أولاد آدم خصائص ذاتية، تجعله فوق سائر العناصر والأجناس، ومع ان للأفكار العنصرية درجات إلا ان جوهر الفكر العنصري هو الادعاء بأن «الخالق» قد خلق