ـ(538)ـ ـ وبعض الكتاب يرون السبب هو في تنافس القوميات، فالاقتصادي الإنجليزي «روبنسن» ربط بين منشأ ظاهرة التوسع وبين الطبيعة الفوضوية للمجتمع الدولي في غياب الضوابط القانونية في العلاقات الدولية، مما يجعل المحافظة على القوة العسكرية هدفا محتما للدول القوية. أما التفسير الإسلامي لمنشأ هذه الظاهرة، والذي يعتبر أكثر كمالا، هو بالإضافة إلى الطروحات السابقة هناك العامل الفكري الأخلاقي لمن يمارسه، هناك الإنسانية التي تعتبر غايتها تحقيق المصلحة الخاصة والربح المادي ولو أدى ذلك إلى ارتكاب اشد الفظائع بحق الآخرين، وبتعبير آخر ان منشأه هو(عدم الإيمان) الذي يؤدي إلى عبادة الهوى والذات لدى الفرد، وعبادة العرق أو الحزب لدى الجماعة، وهذا ينطبق على الاستعمار في شكليه القديم والجديد. ?إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ?. الاستعمار.. دوافعه الفكرية والنظرية لا شك ان للحركة الاستعمارية باعتبارها حركة نهب واستلاب واستضعاف دوافع خبيثة كامنة في نفوس قادتها.. إلا ان تنظير هذه الدوافع وإعطاءها فلسفة مقدسة يحول الحركة من مجرد عملية نهب وسرقة إلى عملية مشرقة ومقدسة أيضاً. لقد شهد الغرب من مبدأ انطلاقته الاستعمارية، انتشار أفكار فلسفية تدافع عن الاستعمار وتبرر أعماله، باعتباره عملا قانونيا، بل وعملا ضروريا، وهنا يكمن الفرق بين حركة الاستعمار في صورته الحديثة المنظمة، وبين حركات النهب العشوائية التي كانت تقوم بها القبائل البربرية في العهود الماضية، فالقبائل