ـ(521)ـ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ?(‍1). لقد ذكرت الآية الجهاد بالمال مقدماً على الجهاد بالنفس مع العلم إن الجهاد بالنفس أسمى ما يجود به المرء، وتقدم الجهاد بالمال لا لكونه مقدم من حيث الاعتبار على الجهاد بالنفس ولكنه من حيث الواقع يعتبر المقدمة للجهاد بالنفس، وهي مرحلة يتم فيها إعداد الجند وتهيئة الجيش وتأمين كل مستلزماته من طعام وكساء وسلاح. لأنه من غير الممكن ولا من المعقول أن يرسل الجندي إلى المعركة دون أن تهيأ له السبل المادية لتكون جنباً إلى جنب مع النواحي المعنوية كلها مجتمعة تكون عوامل النصر بعد الاعتماد على الله والتوكل عليه ولعل ما بلغت النظر في الصحيفة النبوية والذي يدور الحديث قوله في وقتنا الحاضر بين مؤيد ومعارض موضوع إبرام الصلح مع الآخرين فقد نصت الصحيفة على منع الصلح المنفرد بقوله صلى الله عليه وسلم: «ان سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلاّ على سواء وعدل بينهم» بهدف المحافظة على وحدة الأُمة هذه الوحدة التي نوه عنها في المادة الأولى من الصحيفة. ولا مانع من إجراء الصلح مع الآخرين ولكن صلحاً يحفظ للمسلمين حقوقهم المعنوية والمادية وبغير ذلك لا يجوز بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظروف من الظروف وذلك من خلال قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وإذا دعو إلى صلح يصالحونه ويلبونه أي يشركون به فانهم يصالحونه ويلبونه وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فانه لهم ما على المؤمنين إلاّ من حارب في الدين. ________________________________ 1 ـ سورة التوبة - آية 41.