ـ(520)ـ يوم القيامة، ولا يؤخذ منه عدلا ولا صفح (أي لا يؤخذ منه فداء ولا تقبل منه توبة). وفي إحدى فقرات الصحيفة يُقر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مبدأ العقوبات الفردية بصيغتين يندر مثيلهما في عالم اليوم. الأولى: شخصية العقوبة، أي حصر العقوبة في شخص من ارتكب الجرم دون أن يتعدى ذلك إلى أحد غيره بقوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يأثم امرؤ لحليفة. وأين هذه القاعدة مما يطبق تحت مظلية ما أصبح يعرف النظام العالمي الجديد حيث تفرض العقوبات الجماعية على شعوب بأكملها فيموت الآلاف بل الملايين جوعاً ومرضاً وأين ما يطبق من قوانين وضيعة من قوله تعالى: ?وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً?(1). وقولـه تعالى:?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ?(2). هذا بعض ما يتعلق بالجوانب السياسية الداخلية. ولم يغفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخطوط العريضة لما ينبغي أن تكون عليها السياسة الخارجية سواء في مجال الدفاع عن البلاد والعباد أو في مجال التعامل مع الآخرين أو في مجال المعاهدات والمواثيق. ففي مجال الدفاع عن البلاد عمقت مفهوم الجهاد الذي حث عليه الله سبحانه تعالى بقوله: ?انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ ________________________________ [1] ـ سورة الإسراء - آية 15. 2 ـ سورة المائدة - آية 8.